ماذا قال أهل العلم عن تارك الصلاة تهاونا؟

كثُر الجدل في مسألة ترك الصلاة تهاونًا أو كسلًا: هل يُعد صاحبه كافرًا خارجًا من ملة الإسلام، أم أنه فاسق مرتكب لكبيرة من الكبائر؟

هذا المقال يستعرض أبرز أقوال كبار العلماء عبر العصور، ممن قالوا بعدم كفر تارك الصلاة تهاونًا، معتمدين في ذلك على نصوص من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وآثار السلف الصالح.

أولًا: من أقوال السلف والعلماء

  1. الإمام سفيان بن عيينة

“من ترك خِلة من خِلال الإيمان جحودًا بها كان كافرًا، ومن تركها كسلًا أو تهاونًا أدبناه وكان ناقصًا. هكذا السنة.”

📚 الآجري في “الشريعة”، وابن بطة في “الإبانة الكبرى”.

  1. الإمام الشافعي

“لا أكفر أحدًا من أهل التوحيد بذنب، وإن عمل بالكبائر، وأكلهم إلى الله عز وجل.”

📚 اعتقاد الشافعي للهكاري.

  1. الإمام أحمد بن حنبل

“من ترك الصلاة تهاونًا فهو في مشيئة الله: إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.”

📚 مناقب الإمام أحمد، طبقات الحنابلة.

  1. أبو عبيد القاسم بن سلام

“الكفر الوارد في النصوص لا يخرج عن أصل الإيمان، بل يُراد به الشبه والسلوك، لا الحقيقة الشرعية.”

📚 كتاب الإيمان.

  1. القاضي عياض

“الصحيح أن تارك الصلاة تهاونًا عاصٍ غير كافر؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ…}، وإجماع الصحابة على موارثته والصلاة عليه.”

📚 إكمال المعلم.

ثانيًا: من أقوال أئمة المذاهب والعقيدة

  1. الإمام الطحاوي

“أهل الكبائر من الموحدين في مشيئة الله؛ إن شاء عفا، وإن شاء عذب، ولا يُخلدون في النار.”

📚 العقيدة الطحاوية.

  1. الإمام النووي

“الجمهور على أن تارك الصلاة تهاونًا لا يُكفَّر، بل يُفسَّق، ما دام معتقدًا وجوبها.”

📚 شرح صحيح مسلم.

  1. الإمام ابن عبد البر

“الموحّد إذا أقرّ بالشهادتين ولم يعمل يكون في مشيئة الله، ولا يُكفَّر بترك العمل وحده.”

📚 التمهيد.

  1. الإمام البغوي

“اتفق أهل السنة على أن المؤمن لا يخرج من الإيمان بسبب الكبائر إذا لم يستحلها.”

📚 شرح السنة.

ثالثًا: أقوال متأخرة مؤيدة لذلك

  1. الإمام ابن رجب الحنبلي

“من قال لا إله إلا الله ولم يعمل خيرًا قط، يُخرج من النار برحمة الله.”

📚 التخويف من النار.

  1. شيخ الإسلام ابن تيمية

“من أظهر الإسلام تُجرى عليه أحكام الإسلام. ومن أتى بالتوحيد لم يُخلّد في النار، ولو أتى بالكبائر.”

📚 مجموع الفتاوى.

  1. الإمام ابن القيم

“من لم يعمل خيرًا قط، وكان معه توحيد، فالله يخرجه من النار برحمته.”

📚 حادي الأرواح.

  1. الشيخ محمد بن عبد الوهاب

“من أقر بالأركان وتركها تهاونًا، لا نكفّره إلا بالشهادتين فقط، لا خلاف فيه.”

📚 الدرر السنية.

رابعا: فهم العلماء لأحاديث نفي الإيمان والكفر

قال النبي :

“سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.”

“لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض.”

وقد فسّر العلماء هذه النصوص بأنها تشير إلى نفي كمال الإيمان لا أصله.

قال بذلك:

أبو عبيد القاسم بن سلام

ابن جرير الطبري

ابن أبي زمنين

ابن تيمية

ابن الصلاح

وغيرهم من أئمة السلف.

تنبيه مهم

بعض العلماء – كأحمد، وابن تيمية، وابن القيم، وابن عبد الوهاب – وردت عنهم أقوال ظاهرها التكفير وأخرى بعدم التكفير، والراجح عند المحققين أن قولهم الأخير هو عدم التكفير، نظرًا لما يلي:

أحاديث الشفاعة الصحيحة المحكمة

فضل التوحيد وقول “لا إله إلا الله”

عموم قوله تعالى:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

وهذا هو منهج أهل السنة في الجمع بين نصوص الوعد والوعيد، بخلاف الخوارج الذين يأخذون بالوعيد فقط.

خلاصة المقال

ترك الصلاة تهاونًا وكَسلًا من كبائر الذنوب، لكنه لا يُكفِّر صاحبه عند جمهور العلماء ما دام مقِرًّا بها معتقدًا وجوبها.

أهل السنة والجماعة وسطٌ بين المرجئة والخوارج، ويجمعون بين النصوص ولا يتسرّعون في التكفير.

الصلاة ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، ولا يجوز التهاون بها، لكن لا يُخرَج أحد من الملة إلا بيقين.

📌 نصيحة: حافظ على الصلاة، فإنها عمود الدين، ولا تتساهل في شأنها، ولكن لا تتعدَّ حدود الشرع في الحكم على الآخرين.

اقرأ أيضا: ما هو حكم تارك الصلاة؟ الشيخ الألباني يجيب

والله اعلم

Rate, reveal the best
التقييم:5 -1 صوت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *